فخ الجمال.. هكذا يتحول طلاء الأظافر إلى سرطان في الجسد

جنان السراي

تجلس وفاء ذات (30عاماً) على الكرسي في أحد مراكز التجميل في اربيل، محاطة ببريق ألوان الطلاء التي تستريح على الرفوف الموزعة في كل زاوية، بألوان مختلفة من الوردي الفاتح إلى الأحمر الداكن، فيما تقابلها أجهزة التجفيف بالأشعة فوق البنفسجية على الطاولات أمامها.

يديها مفرودتان على وسادة ناعمة، وأصابعها تنتظر طبقات الجل التي ستوضع عليهم بعناية فائقة بينما يمتلئ الجو بأصوات المحادثات والموسيقى، الموظفات يعملن خلف الطاولات وبتركيز كبير دون ان يتشتتن بالأحاديث او صوت الموسيقى فهن يوزعن الألوان بدقة مع كل لمسة للأظافر التي يزداد لمعانها.

السيدات اللواتي يستمتعن بالأحاديث لم يكن يعرفن انهن وقعن في فخ النصب والاحتيال كما وصفت.

وفاء التي رأت إعلانات مركز التجميل عبر الانترنت والذي اغرتها عروضها.

العشرات او المئات من النساء يقعن ضحية لإعلانات مراكز التجميل وعروضهم التي يسمعونها وسرعان ما يذهبن لها لكن هذه العروض بالغالب “وهمية “وهذه المراكز تستخدم “مواد رديئة ومضرة بالصحة يضعوها داخل علب بلا اي علامة تجارية”.

فالنساء العراقيات يعتبرن الاظافر جزء من الاناقة والجمال وبسبب ان غالبية العراقيين من الطبقة المتوسطة ما يجعل الكثير من النساء يذهبن لهذه المراكز غير المرخصة بسبب السعر المخفض، بينما العاملات في تلك المراكز يتعرضن لمخاطر صحية تنفسية بسبب استنشاقهن للبرادة.

فـــــــخ العروض والإعلانات

“كنت أشعر بحرقة في جلدي وخاصة تحت الأظافر، وعرفت أن المواد التي استُخدمت رديئة. شعرت بالخذلان، لأن كل شيء بدا مثالياً على الصور والإعلانات”، بحسب ما وصفته وفاء. بعد أيام تورم الإصبع ما اضطرها أن تذهب لطبيبة تتابع حالتها.

وبحسب الصيدلانية دانية نجم فأن النساء تعتبر الاظافر جزء لا يتجزأ من أناقتها لهذا كأحد الحلول التي تنصح بها هي استخدام ألوان طلاء من “براندات” معروفة وآمنة، مع الحرص على تنظيف الأظافر وتركها تتنفس بين الجلسات.

مشددة على أهمية اختيار المراكز الموثوقة التي تذكر المواد المستخدمة بوضوح للزبون، وعدم تكرار العملية أكثر من مرتين في الشهر خصوصاً وان هذه المواد لغاية الآن لم تمنعها وزارة الصحة وهي متوافرة بكثرة خصوصاً في المراكز غير المرخصة مثل “صالونات المنازل”.

النساء في العراق يعتبرن الاظافر جزء من الاناقة والجمال لهذا تلجئ الكثير من النساء لمثل هذه المراكز بسبب السعر المخفض كما وصفن ناشطات.

التحذيرات والإحصائيات

وفق إحصائية حديثة نشرت في موقع الجزيرة ومواقع عالمية اخرى، اعتباراً من 1 سبتمبر/أيلول 2025، حظر الاتحاد الأوروبي مادة “تي بي أو” (أكسيد ثنائي فينيل فوسفين ثلاثي ميثيل بنزويل) الشائعة في بعض تركيبات طلاء الأظافر الجل، بعد تصنيفها مادة “مسرطنة أو مطفرة أو سامة للتكاثر”.

ورغم أن أوروبا منعت استخدامها بشكل شامل وفوري، فإن الولايات المتحدة لا تزال تسمح ببيعها واستخدامها على نطاق واسع في الصالونات والمتاجر.

التحذير البيئي والصحي

“كنت أعمل يومياً على برد الأظافر وتحضيرها، أتعرض بشكل مباشر للمواد وملامستها بيدي. بعد أشهر بدأت أعاني من تحسس شديد في القصبات، مع صعوبة في التنفس أحياناً، واضطررت أن أتوقف عن العمل فترة طويلة للعلاج”، هذا ما قالته “ندى سعيد”، عاملة في احدى صالونات التجميل في اربيل.

وهذا ما أكدته مديرة جمعية معاً لحقوق الإنسان والبيئة، سعدية الصالحي أن “المخاطر لا تتوقف على تأثير هذه المواد على التنفس والرئة، بل يتعداها لمكونات كيمائية تستخدم وتضر بالأظافر”.

وتضيف أن “أجهزة التجفيف بالأشعة فوق البنفسجية قد ترفع احتمال الإصابة بسرطان الجلد عند التعرض المتكرر، كما أن ترك الطلاء لفترات طويلة قد يفتح الباب لعدوى بكتيرية تُعرف بعدوى (الخُضر) التي تُسبب اصطباغ الظفر بالأخضر/الأزرق، وهي قد تكون خطيرة خصوصاً على النساء ذوات المناعة الضعيفة” وهذا ما أثبتته التقارير الطبية في أوربا.

وقالت سعدية “مع الاستخدام الطويل، يتحول الأمر من قضية جمالية إلى عبء صحي على النساء، كما أن التخلص من المواد الكيميائية المستخدمة في هذه المستحضرات يخلّف آثاراً سامة على البيئة”.

واشارت سعدية في حديثها إلى بعض الحلول، منها التأكيد على أهمية اتخاذ إجراءات حماية الجلد عند استخدام طلاء الأظافر أو الجل، مشددة على ضرورة التأكد أولاً من سلامة المنتج من خلال السؤال عن خلو الطلاء من مادة TPO الضارة.

وشددت الصالحي على عدم تعريض الجلد لفترات طويلة لأشعة UV/LED أثناء التثبيت، موصية أيضاً باستخدام واقي شمسي على اليدين أو ارتداء قفازات بدون أصابع كإجراء وقائي إضافي يحمي البشرة ويقلل المخاطر الصحية للجلد.

الإعلام كأداة لمواجهة التجميل القسري والترندات الضارة

أكدت الناشطة تبارك عبد المجيد أن المجتمع العراقي يفتقر إلى إعلام مضاد قادر على مواجهة الصورة النمطية للنساء، سواء في مواضيع التجميل أو القضايا الاجتماعية والسياسية الأخرى.

وأوضحت أن معايير الجمال الحالية تفرض أساليب تنميطيه على النساء، وأن ضعف الرقابة على مراكز التجميل واستخدام مواد غير آمنة يزيد المخاطر الصحية، خصوصاً على القاصرات.

وأضافت أن وسائل التواصل الاجتماعي والشخصيات المؤثرة تتحكم بسلوك الجيل الجديد، ما يدفع الشابات لتقليد الترندات حتى لو لم تعكس الواقع الاجتماعي والاقتصادي.

لذلك، شددت تبارك على أن دور الإعلام التوعوي أصبح محورياً لتقديم بدائل صحية، توعية الفتيات، ومواجهة الصور النمطية التي تقيد النساء في المجتمع العراقي.

تاريخ طلاء الأظافر ومواده سابقاً

بدأ تاريخ طلاء الأظافر في الصين القديمة، حيث كان رمزاً للثروة والسلطة، مصبوغاً بزهر الأوركيد والحمر والسود مع إضافات معدنية من الذهب والفضة.

انتقلت التقنيات إلى الهند وأفريقيا والشرق الأوسط، حيث استخدمت النساء الحناء لصبغ أطراف أصابعهن، كما فعلت كليوباترا.

في الولايات المتحدة، افتتحت ماري كوب أول صالون أظافر عام 1878، وتم تطوير طلاء الأظافر الحديث بعد الحرب العالمية الأولى باستخدام النيتروسليلوز، مستوحى من طلاء السيارات.

خلال خمسينيات القرن الماضي ظهرت الأظافر الأكريليكية، واليوم تتنوع المنتجات بين الجل، الأكريليك، والطلاء القابل للتقشير، مع استمرار وجود المواد الكيميائية القوية التي تسبب السرطانات.

تم إنتاج هذا التقرير بدعم Social Justice Fund ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان jhr (فرع العراق).

Exit mobile version