Uncategorized

أبو قاسم… عامل نخيل سابق يقتات من بيع “قلب النخلة” على طريق بعقوبة

على طريق جسر الشريف في قضاء بعقوبة بمحافظة ديالى، يضع أبو قاسم محمد (49 عاماً) عربته البسيطة كل صباح، معتمداً على بيع “الجمار” — قلب النخلة الأبيض — كمصدر رزق بعد أن ترك مهنته التي رافقته لأكثر من عشرين عاماً في بساتين النخيل.

يقول في حديثه لـ “شرق العراق”: “منذ ست سنوات أبيع الجمار. كنت أعمل في النخيل، لكن بعد أن جُرفت البساتين وتراجعت الزراعة… لم يعد أمامي خيار آخر.”

من بساتين خضراء إلى مهنة طارئة

ينحدر أبو قاسم من قضاء الخالص، إحدى المناطق التي كانت تشتهر ببساتينها الواسعة. لكن خلال السنوات الماضية تضررت الزراعة بشكل كبير نتيجة عوامل متداخلة، أبرزها: النزاعات العشائرية، شحّ المياه، توسع البناء العشوائي، ارتفاع كلفة السقي وضعف الدعم الزراعي.

ويضيف: “البساتين التي كانت مصدر رزق لمئات العائلات تحولت إلى أراضٍ جافة… الكثير تركوا العمل مثل ما صار وياي.”

أرباح بسيطة… لكنها ثابتة

يحصل أبو قاسم على الجمار مما تبقى من بساتين النخيل في أطراف الخالص. وتتراوح إيراداته اليومية ما بين 50 و75 ألف دينار، فيما يبلغ سعر الكيلو الواحد 10 آلاف دينار.

يشرح قائلاً: “الناس تحب الجمار الطازج… كثيرون يتوقفون خصيصاً لشرائه لأن مذاقه نادر. أفضل نوع يجي من نخلة الخضراوي لأنه حلو. واللي عمرها بين 14 و16 سنة يسموها (نشوة) تكون غنية بالجمار… أما الكبيرة يسموها (عيطة) ويكون جمارها قليل.”

آخر ما تمنحه الشجرة

رغم أن الجمار طعام محبب لدى العراقيين، إلا أن الحصول عليه يحمل وجهاً مؤلماً فاستئصال الجمار يعني غالباً موت النخلة. ما يضيف عبئاً جديداً على ما تبقى من البساتين في ديالى، ويدفع المزارعين للابتعاد عن مهنتهم الأصلية بحثاً عن بدائل صعبة.

وتقول أم محمد، إحدى الزبائن: “أشتري الجمار لأولادي وأحفادي… يحبوه وفوائده كثيرة، يفيد مرضى فقر الدم.”

بين الأمل والفقدان

قصة أبو قاسم واحدة من عشرات القصص لعمال النخيل الذين بدلت الظروف الاقتصادية والبيئية حياتهم. ورغم أن بيع الجمار أصبح مصدر الدخل الوحيد له، إلا أن الخوف من المستقبل لا يفارقه.

 “إذا انتهت البساتين… وين نروح؟”

بين عربته المتواضعة وقطع الجمار التي يقدمها للزبائن، يواصل أبو قاسم يومه متمسكاً برزقه البسيط… بينما تستمر أشجار النخيل في ديالى بخسارة مساحاتها الخضراء يوماً بعد آخر.

ووفق دراسة بحثية صادرة عن جامعة ديالى، تراجع عدد أشجار النخيل في المحافظة من قرابة 3 ملايين نخلة خلال العقود الماضية إلى حوالي 2.5 مليون نخلة فقط عام 2021.

تم انتاج هذا البورتريه بدعم من مشروع “قريب” برنامج اقليمي تموله الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) وتنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الاعلامية (CFI)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى